Friday, December 17, 2010

الإنترنت والخصوصية : معادلة مستحيلة

معلومتان بسيطتان، إسمك وعنوان بريدك الإلكتروني، كافيان لكشف النقاب عن عدد مذهل وصادم من المعلومات الأخرى عنك.. معلومات قد تعدها بالغة الخصوصية.. معلومات قد تكون حريصا كل الحرص على إخفائها.

حقيقة مفزعة هي.. وهي لا تقتصر على من يثرثر كثيرا عن نفسه.. والدليل كان “بوبي هارلو” Poppy Harlow.. عاملة في شبكة سي إن إن في القطاع المالي.. لا تمتلك حساب فيس بوك (لذا لا تعتقدوا أن الفيسبوكيين هم فقط المعنيون بالأمر) ولا تملك حسابا في لينكد (Linked). فقط هي تملك حساب تويتر، وهي لا تستعمله إلا في ما يتعلق بعملها في سي إن إن.

إنطلاقا من المعطيين البسيطين : إسمها وعنوان بريدها الإلكتروني، قام أحد الخبراء في مجال الخصوصية، بعدد من الأبحاث في عدد كبير من قواعد البيانات، ليستخلص عددا كبيرا من المعلومات التي تعدها السيدة بالغة الخصوصية، والتي من المفترض أنها لم تخبر بها أحدا : والدها توفي وهي بعدُ في سن صغيرة.. لديها أخ من أمها فقط. توجهها الديني هو توجه ما -_-” ليست متزوجة، وشقتها التي تقيم فيها مستأجرة. والأظرف من هذا كله هو أن بوبي ليس سوى اسم مستعار.

المشوق أكثر هو أن هذا ليس نهاية سلسلة المعلومات عنها.. فلقد تم تحديد تاريخ مولدها واستخراج صور لها مع صديقاتها تعود لسنوات عديدة مضت (أجدد التذكير بأنها لا تملك غير حساب تويتر تستعمله في عملها فقط)، عاداتها الشرائية، وبعض الإقتراحات حول راتبها الشهري، ومعلومات عن الخلفية المالية لأسرتها.

طبعا بعض هذه المعلومات خاطئ تماما.. ولكن لا ننسى أن هذا اجتهاد رجل واحد وراءه مجموعة من الباحثين فقط..

هل يعني هذا أن المستعمل العادي للأنترنت لا يختلف كثيرا عن مستعمل الفيسبوك وغيره من الشبكات الإجتماعية ؟ الإجابة قطعا هي لا.. وما ظهر أعلاه من معلومات وصور عن السيدة -التي اكتشفنا أنها آنسة- هو نتيجة لشخصية تعتبر نفسها شديدة التكتم.. فما بالكم بمن يثرثر كثيرا دون التفكير في عواقب كلامه.

الحديث عن الخصوصية ما يزال أطول.. فالعديد من الشركات، تتغذى من هذا.. وتجمع المعلومات بشكل محموم (نحن نتحدث عن شركات وليس عن السي آي إيه، فالأخيرة جمعت كل شيء وانتهت ^_^).. ليس أقلها دليل الهاتف.. ولكن كنزهم العظيم يبقى الشبكات الإجتماعية وعلى رأسها فيس بوك. فأحيانا تكون أنت متكتما وتضع اسما كاذبا، وصورا رمزية لا تمت لك بصلة.. ولكن أصدقاءك ينادونك باسمك حين يحدثونك.. ولا يجب أن نفترض أن من يريد معلومات عنك سيكتفي باسمك وصورتك الرمزية.. هو سيتطفل على تعاليق الناس على جدارك.. وسيبحث في صور صديق صديقك القديـــــــــــــــــــم ليجد صورة لك أنت نفسك لا تعلم عنها شيئا.. هذه الشركات التي تتغذى من التطفل على خصوصيات الناس تقوم ببيع “منتجاتها’ لشركات أخرى لغايات عدة، بعضها تجاري وأغلبها سياسي.. ولكنها جميعا “سليمة النية” على حد زعم الشركات التي تفعل هذا..

الجدير بالذكر هو أن معلومات متفرقة عنك قد لا تعني شيئا.. ولكنها باجتماعها قد تعني الكثير.. تخيل مثلا أن تقسم ملفا إلى عدد من ملفات رار وترفع كل جزء على أحد مواقع الرفع.. الملف طبعا يكون محميا بكلمة سر -لأن عدم حمايته لا يمت للخصوصية بشيء- ثم تتصل بصديقك لترسل نصف كلمة السر على الياهوو مسنجر والنصف الآخر على الويندوز مسنجر.. معلومات كهذه متفرقة لا تعني شيئا، ولكن باجتماعها يتحول الأمر إلى كشف تام لمحتويات ملفك الأصلي.. وكذا يتعامل من يتتبع خصوصيات الناس. وعلى هذا الأساس -أساس تجميع الشتات- استطاع الخبير الذي تحدثنا عنه أعلاه الوصول إلى كل تلك المعلومات عن الآنسة بوبي.

نصائح بسيطة قد تقلل من وطأة الأمر ولكنها لا تنفيه تماما (لمن يبحث عن الخصوصية طبعا) :

- لا تستعمل اسمك بأي حال من الأحوال على الأنترنت، ولم لا قم بوضع اسم غير حقيقي تماما.. وتذكر أن حاسوبك يميزك، ولو استعملت إسمك يوما فإنه سيربط بأي اسم آخر تستعمله بواسطة حاسوبك.. والفضل طبعا يعود للكوكيز.

- واستعمل أكثر من ثلاث عناوين بريد إلكتروني اثنان منها لا تحمل اسمك، ولا تشير له من قريب أو بعيد.
- لا تكتب اسمك (منذر بوعزيزي بالنسبة لي ^^”) كما هو في أي موقع إلا إذا كان لأمر لا ترى منه ضررا ولا تعتبره خصوصيا.

- ما تراه أنت بطاقات وفاء لدى المراكز التجارية، والتي تجمع بواسطتها نقاطا من أجل الفوز بجائزة ما، هو ببساطة وسيلة لجمع المعلومات عنك. وجائزتك التي ستنالها لا تساوي ذرة بالمقارنة بالجائزة التي حصل عليها المركز التجاري.

- تجنب الشبكات الإجتماعية، ولا تستهن بهذا.

المصدر

"

No comments:

Post a Comment